الأربعاء، 20 سبتمبر 2017

الشاعر على الامارة...................قصيدة النثر على المحك

في ملتقاها الثالث
قصيدة النثر على المحك
الحلقة السابعة 
انموذج قصيدة النثر
راوية الشاعر

لست مع رأي سوزان برنارد  في ان قصيدة النثر يجب ان تكون مختصرة ولكني مع رأيها بالايجاز ضمن قصيدة النثر اي  ان لا تكون الجمل الشعرية وحتى المقاطع مترهلة يمكن اختصارها لانها غير مسموتة شعريا ..  وليس كل ما قالته  سوزان برنارد يبقى ثابتا او على الاقل ينطبق على قصيدة النثر العربية او العراقية بالخصوص  فليس اقوال برنارد قرآنا ولا كتابها عن قصيدة النثر وادي عبقر الذي تولد فيه قصيدة النثر  ولكن بعض النقاد يطيب لهم ان يجعلوا من كتابها مرجعا لا حياد عنه على طريقة خلق صنم نقدي لعبادته  بعد ان مر على الكتاب اكثر من نصف قرن تغيرت مفاهيم واستجدت رؤى عن قصيدة النثر وذلك لما كتب من نماذج كثيرة من قصيدة النثر ولما صاحبها من رؤى نقدية استجدت وفق معطيات الحداثة ومتطلباتها ووفق ما طرح من نماذج قصائد نثر لاحقها النقد  بعربته  القرائية والمنهجية والجمالية  ..
لا يهمني طول قصيدة النثر ولا قصرها يهمني ان تبقى قصيدة نثر في الطول او في القصر فهناك شاعر قادر على ادارة القصيدة والتحكم بزمامها الشعري مهما طالت بل ان طول القصيدة  احيانا يكون ضروريا لانها تتغذى بأفكار شعرية تنمي محورها وتجعل منه نسغا متصاعدا بفكرة محمولة على اكف اللغة الشعرية وصولا الى قمتها ..
ان قصيدة ان النثر فكرة معالجة شعريا  وبهذا نحصل على الايقاعين ايقاع الفكرة  التي اثبتت الصياغة الشعرية شعرية هذه الفكرة  وايقاع اللغة الشعرية نفسها هذا الايقاع الخفي الذي نحس بهمسه ونحن نتجول في بستان القصيدة  ..
ساقدم انموذجا من نماذج قصيدة النثر التي قرئت في الملتقى وهو نصان  للشاعرة راوية الشاعر
حيث تميز النصان :
1- بعدم انفلات اي جملة شعرية عن محور المعنى فكان هناك تعالق بين الجمل يزيد من وهج سياقها الشعري ما يجعل القصيدة جملة شعرية واحدة ..
2- كل الجمل  فيها انزياح  شعري غنية بالصور الشعرية  فبدا السرد ذائبا في الشعر وواحدا من ادواته  وجسوره التعبيرية نحو المعنى
3- اتسم النص بشفافية الماس التي تكلمنا عنها في الحلقة السابقة فلا يوجد تغميض او تعضيل او تعمية في التعبير ولكن يوجد تحليق في فضاء التعبير يصل  احيانا الى الغموض الشعري بعيدا عن التعابير المباشرة التي تسقط النص في فخ التقريرية  والتسطيح  ..
4- هناك محور فكرة تدور حوله القصيدة  وتسير  تحت ظلاله الكثيفة لكي لا تذهب  القصيدة الى عراء التعابير وعراء الفكرة ..
5- توجد عفوية وانسيابية في التعبير بعيدا عن قسر التعابير او التكلف الذي يتعب المؤلف والمتلقي ايضا 
6- حسنا فعلت  الشاعرة ان اختارت نصين  لكي ترينا اسلوبها الشعري الواحد في كل قصيدة  وجملتها الشعرية ذات الصور والانزياح  وطريقتها الشعرية او معالجتها الشعرية للفكرة  حتى انك تستطيع ان تجعل من النصين نصا واحدا لوحدة الاسلوب ولشخصية الشاعرة الواضحة في كل قصيدة .. 
وهذه النقطة تذكرني بسبب دعوة بعض الشعراء الى ملتقى قصيدة النثر الثالث ولم تكن نصوصهم ترقى الى مستوى قصيدة النثر الحقة ذلك لانهم قدموا في مناسبات اخرى او نشروا نصوصا هي قصائد نثر فعلا ولكنهم  لم يقدموا للملتقى  مثلها وذلك لان شخصيتهم الشعرية لم تكن ثابتة في كل نص يكتبونه  ولم يكن اسلوبهم واحدا .. وهذا واحد من فخاخ قصيدة النثر فخ الاسلوب الواحد  ..
نعود الى راوية لتروي لنا قصيدتيها  :

( نسخة من افتراض لون )
راوية الشاعر

لست مؤهلة للشعر
لست صريحة بما يكفي
حتى ألقن عقلي عافية الصداع

التجول بين الفراغات مرهق لدرجة التعري
وشكلي نحيل جدا على السطر

لست مترفة بما يكفي
حتى اوزع الاكاذيب على الحالمين
حتى املىء جيوب الانتظار بأفق رحب

المفاجىء والمألوف .. غريمان
ارقص على حبلهما بطريقة مولوية
امارس معهما طقس الانفلات
ولا اقع .. الا وانا ثملة بالتوقع
اقشر عني هاجس اليقين
والبس الاحتمال لبا
.
.
لست ضائعة بما يكفي
حتى ارسم كآبة الحروب على خارطة المعدومين
لست طيعة .. مطيعة
وانا نسخة من افتراض لون
وهيبة مدن مستباحة
...
انا بكل بساطة اتقافز على سريري
كلما داهمتني فكرة
احارب هاتفي بالنقر على البيانات
احشرها جميعا في كيس الخاطر
المسه بطريقة بربرية
اقده  من جميع الكتروناته
اشحن دمي بالتلويح
اتصفح مقدار الحاجة .. التي لا تهدأ
وانا اختلي به بما يمنحني من مخدر ..
من تيه لا ينفد
.
.
علاقتي بالشعر مريبة
كلانا لا يفهم الاخر
كلانا صبورين على الندم
هو يمسكني من ياقة الوقت
وانا اركض صوب المواعيد بلا هدنة
صراع بين محسوس وملموس
كلانا نسخن جدا .. كلما ضربنا معنى خائب
كلما سكت الليل عن النحيب 
كلما هدأ مد الغواية
--------

الثاني

اريد ان اكتب عن القبلة
ذلك الالتصاق الكوني
بين مجرتين من لحم ودم

اكتب عن اتساع حدقة التكوين وضآلة المبررات
عن جسد الآلهة المطواع
وانانية الخلق في احتواء الحقيقة

اريد ان امسك بكل ذرات المفاجأة
وانا امرر للكون رائحة العري
ونكهة التدوين

مسكينة قوانيننا التي تسن بلا قبلة موقوتة
بلا احتدام لدستورين من مهج ساخنة

اريد الكتابة
عن عرشين من بكاء
عن ذاكرتين من ماء
عن  مزاجين من لون غير مرئي

الكتابة لا تحب النجاة
فالحديث عن القبل مكائد وفخاخ
والحرف صياد نهم

اريد السقوط عاليا .. كلما قطفني السؤال
امسك شعاعا وامرر اخر للعاطلين عن الحلم
اتناول من السماء ازميلا
واحفر الغيم العالق في فكري
كي يخرج ذلك الحديث
كي تنساب روح الامكنة
ويغدو قلب الارض مرتبكا

اجل القبلة ارتباك
المحنة التي تلدنا انقياء
نصف الكأس المدور .. المغمور بالشك
العالم المسكون بالتجريد
الهتاف الذي يقلق مسار الايام
الكتاب الذي يقرأ على الارصفة وتحت الشجر
الثمرة الكادحة التي لا عيد لها

القبلة كون منسل .. من ذاكرة رب وحيد
__________
راوية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تجمدت حروفي للشاعرة رجاء الجواهري

تجمدت حروفي كأنجماد كفيّ من الجليد لا اقدر على نثرها اشعر انني فقدت المشاعر وجفت دموع عيني من حزن عتيد ...